شكر الله على قدوم رمضان

مقام الشكر أجلُّ مقامٍ وأعلاه؛ إذ تندرج تحته العبوديةُ والرضا، ويزيد هو عليها، فلا يكون الإنسان شكورًا لله تعالى إلا وقد أذعن بالعبودية له، ورضي به جل جلاله ورضي عنه، وزاد على ذلك شكرًا له.
وشهر رمضان وما فيه من أنواع العبادات، وما يقع فيه من الخير والإحسان – هو من أعظم النعم التي امتنَّ الله – تعالى – بها على أمة الإسلام، واستحضار هذه النعم يَقُود إلى شكرها، كما يقود إلى إعطاء رمضان ما يستحقه من العبودية لله – تعالى – والاجتهاد فيه بالأعمال الصالحة؛ ولذا فإن الله – تعالى – علَّلَ فرْضَ الصوم وما شرع فيه من الرخص والتيسير على من لا يطيقونه، علَّل ذلك بالشكر فقال سبحانه: ﴿ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 185].
فمن نعم الله – تعالى – علينا التي تستوجب الشكر: أنه سبحانه اختصَّنا برمضان، وفرَضَ فيه الصيام، وشَرَع القيام، وهدانا للعمل الصالح فيه؛ فكم في الأرض من بشر ما هُدوا للإيمان برمضان، ولا وفِّقوا لصيامه وقيامه!
ومن موجبات شكرِ رمضان: ما جعل الله تعالى فيه من تكفير السيئات، وزيادة الحسنات، واستجابة الدعوات، والعتق من النار، وكل ذلك جاءت به الأحاديث، ومن أعظم ما يوجب شكر الله تعالى على رمضان أنه سبحانه يتولَّى جزاء الصائمين؛ كما في الحديث القدسي: ((الصَّوْمُ لي وأنا أَجْزِي بِهِ))؛ متفق عليه، والشكور يجزي على الشكر شكرًا أعظم، وقد قال سبحانه : ﴿ وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ ﴾ [آل عِمْرَان: 145]، وإعانة الصائمين على أنفسهم وشياطينهم بسلسلتها في رمضان، وفتْح أبواب الجنة، وغلْق أبواب النار، كلُّ ذلك مما يوجب شكرَ الله – تعالى – على هذه النعم.